هل أصبحنا اليوم في حاجة إلى تعديل دستوري يضمن تأسيس أحزاب ذات بعد جهوي؟
بداد محمد سالم في ظل عجز الاحزاب السياسيه في صيغتها الحاليه عن تاطير الحياه السياسيه, حيث اصبحت تقتصر علي اداره الصراع بين النخب الحزبيه, التي وان اختلفت انتمائاتها المناطقيه والجهويه, لكن تاثيرها وحلبه صراعها تبقي حبيسه محور القنيطره الدار البيضاء.! ان الوظيفه الاساسيه للاحزاب والمتمثله في تاطير المواطنين, ضمن الحياه السياسيه, يفترض بها ان تكون احزاب قواعد تصنع النخب, لااحزاب نخب تصنع تبعيه القواعد العمياء. من خلال تجربتي المتواضعه في اطار العمل السياسي او حتي ابان التحصيل العلمي, حضرت العديد من المؤتمرات لاحزاب مختلفه يمينا,يساراووسطا. وان كنا في المغرب كما في العديد من بلاد العالم النامي اصبحنا نعيش مشكل هويه علي مستوي اغلب الاحزاب السياسيه, فلم نعد نفرق بين حزب اليمين ولا اليسار ناهيك عن الوسط, لاحظت ان تاثير القواعد الحزبيه الممثله للجهات والاقاليم, لا تعدوا ان تكون مسرحيات يتم من خلالها توظيف البعد الجهوي والاثني لمناطق المغرب, لترسيخ شرعيه قيادات حزبيه متحكمه, تحتاج لنغمات ومظاهر فلكلوريه تثبت من خلالها هذه الاحزاب انها تضع البعد الجهوي في صلب اهتمامتها. في حين انها في الواقع لا تعيره اي اهتمام ولا يخرج في اغلب الاحيان عن شوي ديال الصواب او ارضاءات ظرفيه حتي يمر المؤتمر بسلام. ان مكمن الداء في معضله الاحزاب السياسيه هي انها لم تعد احزاب قواعد. بل احزاب نخب همها الوحيد هو كيف تصل الي السلطه? ولا تحمل اغلبها مع كامل الاسف مشروعا مجتمعيا, وان كانت بعضها تحمل ارهاصات لذلك. لكن المرحله الحاليه تحتاج مشروعا مجتمعيا ذا بُعدٍ جهوي, خاصه عندما نتحدث عن منطقتنا, التي تستعد لتنزيل مشروع الحكم الذاتي. فهل تعي الاحزاب الوطنيه حساسيه الظرفيه والمسؤوليه الوطنيه الملقاه علي عاتقها? مع كامل الاسف لا زالت جل الاحزاب السياسيه لا تتعامل مع المنطقه باعتبارها بوابه كل تغيير فالخير كله ياتي من الصحراء والشر كلها ياتي منها ايضا, وهي مقوله خالده للراحل المغفور له الملك الحسن الثاني, ولا اظن ان القيادات الحزبيه الحاليه اكثر بعد نظر اوافهم لواقع المنطقه من جلالته, ولا من قيادات الاحزاب الوطنيه التي وان ارتكبت اخطاء تاريخيه في عدم فهمها لواقع المنطقه وحاجياتها وتطلعات شبابها, لكن اغلب من تقدم بهم العمر في الحياه علي الاقل اقروا بتلك الاخطاء في نهايه حياتهم السياسيه. لكن الاكثر خطوره اليوم هو تواجد قيادات حزبيه تعاني من فقر معرفي يحول دون فهمها لواقع المنطقه ويضعف من اي دور محوري لها في الاصطفاف خلف السياسات الملكيه بشكل ايجابي. يعود ذلك بالاساس لان اغلبهم لم يعايش عن قرب ما جري في الصحراء, ولا يعرف عن المنطقه سوي انها خزان انتخابي يضمن له مقاعد نيابيه, ويحتاج لعدد لاباس به من الدراريع والملاحف والاغاني الوطنيه, وصياغه خطابات حماسيه في البيانات الختاميه للمؤتمرات. ان عدم قدره اغلب الاحزاب الوطنيه علي فهم متطلبات المنطقه سواءا في مرحله نظام الدوله المركزيه او نظام الجهويه الحالي, يجعلها اقل قدره علي التكييف مع نظام الحكم الذاتي واقل فاعليه في الاصطفاف خلف مسيره التغيير التي يقودها جلاله الملك محمد السادس نصره الله. ان وجود اغلب الاحزاب السياسيه في شكلها الحالي وهي غير قادره علي مواكبه المشروع الملكي لتنزيل مبادره الحكم الذاتي, فاننا ربما سنكون في امس الحاجه لتعديل دستوري يسمح بانشاء احزاب جهويه تكون قادره علي تاطير الحياه السياسيه في المنطقه. وتكون بدايه خير من الصحراء في اتجاه باقي جهات المملكه, التي ستكون هي الاخري علي موعد مع نظام جهوي جديد اكثر تقدم. عندها فقط سيصبح من المستساغ ان تبقي الاحزاب الوطنيه حسيبه حساباتها النخبويه في اطار الاستحقاقات الوطنيه. * باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسيه, جامعه محمد الخامس الرباط The post appeared first on.